تشهد شركة آبل حاليًا لحظة فارقة في تاريخها، حيث تواجه سلسلة من الأزمات المتزامنة على عدة جبهات، ما يشكل تحديًا غير مسبوق لأحد أكبر عمالقة التكنولوجيا في العالم. ووفقًا لتحليل الصحفي المتخصص “مارك جورمان” من وكالة Bloomberg، إضافة إلى إفصاحات رسمية من الشركة، فإن آبل تتعرض لضغوط قانونية وتجارية وتقنية متراكبة، تهدد استقرارها ونموذجها التشغيلي المعتاد.
الرسوم الجمركية وإعادة هيكلة سلاسل التوريد
أحد أبرز مصادر القلق في الوقت الراهن يتعلق بالرسوم الجمركية والتجارة العالمية.
تتوقع آبل أن تضيف الرسوم المفروضة تكاليف إضافية تصل إلى 900 مليون دولار في هذا الربع وحده.
ولتفادي هذه الأعباء، تُسارع الشركة إلى تنفيذ خطط لنقل جزء من عمليات التصنيع، خصوصًا لهواتف آيفون المخصصة للسوق الأميركي، خارج الصين إلى دول مثل الهند وفيتنام، في خطوة تُعد تحولًا جذريًا في استراتيجيتها الإنتاجية التي اعتمدت لعقود على الصين كمركز رئيسي.
هجوم قانوني على متجر التطبيقات
وفي الوقت نفسه، يتعرض نموذج أعمال آبل المربح في متجر التطبيقات App Store لضغوط شديدة من المحاكم والهيئات التنظيمية في مختلف أنحاء العالم.
فقد قضت محكمة أميركية مؤخرًا بضرورة السماح للمطورين بوضع روابط خارجية لعمليات الدفع دون أن تأخذ آبل عمولة، وهو تطور ناتج عن النزاع القضائي مع شركة Epic Games.
تظهر ضغوط مشابهة أيضًا في أوروبا، واليابان، وكوريا الجنوبية، ما يُهدد بسيطرة أقل لآبل على منظومتها البرمجية والرسوم التي تفرضها على المطورين.
اتهامات باحتكار سوق الهواتف الذكية
تواجه آبل أيضًا تهديدات قانونية أكبر، إذ رفعت وزارة العدل الأميركية دعوى قضائية لمكافحة الاحتكار، تتهم فيها الشركة بممارسة احتكار غير قانوني في سوق الهواتف الذكية من خلال سيطرتها على نظام iPhone.
كما يوجد نزاع قانوني منفصل قد يؤدي إلى إنهاء الصفقة التي تضع محرك بحث Google كخيار افتراضي في أجهزة آبل، وهي صفقة يُقال إنها تدر على آبل مليارات الدولارات سنويًا.
تأخر في سباق الذكاء الاصطناعي
على الصعيد التقني، يبدو أن آبل متأخرة في سباق الذكاء الاصطناعي مقارنة بمنافسيها. فقد طرحت شركات مثل سامسونج و جوجل ميزات ذكية ومتقدمة قادرة على إنشاء المحتوى وتنفيذ المهام تلقائيًا ضمن هواتفهم.
قدي يجعل هذا التأخير النسبي هواتف آيفون الحالية أقل جاذبية، ويُؤثر على مستقبل منتجات آبل المرتقبة، مثل النظارات الذكية التي يُشاع عنها.
انكماش في السوق الصينية
تعاني آبل أيضًا في السوق الصينية المهمة، حيث تباطأ نمو المبيعات وسط منافسة شديدة من شركات محلية مثل هواوي وشاومي، التي تقدم أجهزة بميزات لا تزال آبل متأخرة في توفيرها، كالشاشات القابلة للطي والتقنيات الذكية المتقدمة.
وتُجبر هذه التحديات آبل على التعامل بحذر مع العلاقة الحساسة بين الحكومة الأميركية ونظيرتها الصينية، خاصة مع نيتها نقل الإنتاج.
بينما يتحرك المنافسون بسرعةفي الوقت الذي تناضل فيه آبل على هذه الجبهات، يتحرك منافسوها بوتيرة متسارعة.
تتصدر سامسونج سوق الهواتف القابلة للطي، وتروج بشكل مكثف لتقنيات Galaxy AI.، أما جوجل، فتُعمّق دمج تقنيتها Gemini في هواتف أندرويد، ما يرفع سقف الابتكار ويزيد الضغط على آبل للبقاء في الصدارة.
اختبار حقيقي تحت قيادة تيم كوك
إدارة تحدٍ واحد من هذه التحديات قد يكون أمرًا صعبًا، فكيف إذا اجتمعت جميعها في آن واحد؟ التحديات القانونية، والمالية، والمنافسة التقنية، تضع آبل في اختبار صعب وغير مسبوق، قد يعيد تشكيل استراتيجيتها، وعلاقاتها مع المطورين والجهات التنظيمية، بل وقد يؤثر على أسعار وميزات منتجاتها المستقبلية.
يراقب العالم الآن عن كثب كيف ستتعامل آبل، بقيادة الرئيس التنفيذي تيم كوك، مع هذا المنعطف المصيري.