القاهرة (خاص عن مصر)- أكدت مصر رفضها القاطع لأي خطط لتهجير الفلسطينيين من غزة، وهو الموقف الذي نقلته إلى الولايات المتحدة.
قال مصدر رفيع المستوى لـ”الحدث“، إن القاهرة لا تزال ملتزمة بمنع الهجرة القسرية لسكان غزة، ومقاومة المقترحات التي قد تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين إلى دول عربية وآسيوية أخرى.
أضاف المصدر، بحسب ما نشرته قناة الحدث، أنه تمت مناقشة خطة من ثلاث مراحل لتهجير الفلسطينيين، مع تقدير فترة التهجير من ستة أشهر إلى عام. ومع ذلك، لا توجد ضمانات بأن أولئك الذين يغادرون غزة سيكونون قادرين على العودة، مما يثير المخاوف بشأن التهجير الدائم.
أشار المصدر إلى أن مسؤولًا أمريكيًا كبيرًا من المقرر أن يجتمع مع زعماء عرب في الأيام المقبلة لمناقشة هذه المقترحات.
اقتراح ترامب المثير للجدل
أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجدل باقتراحه أن تستوعب مصر والأردن، الفلسطينيين من غزة، التي وصفها بأنها “موقع هدم”. وفي حديثه عن الأزمة الإنسانية، صرح ترامب أنه حث الملك الأردني عبد الله على قبول المزيد من اللاجئين، مضيفًا أنه ينوي تقديم طلب مماثل للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
اقترح ترامب أن نقل الفلسطينيين يمكن أن يكون إما حلًا مؤقتًا أو طويل الأمد؛ مما أثار المزيد من القلق بين القادة الفلسطينيين والمراقبين الدوليين. تتوافق تصريحاته مع المشاعر التي عبر عنها بعض الشخصيات داخل الدوائر السياسية اليمينية المتطرفة في إسرائيل، والتي تدعم فكرة نقل سكان غزة إلى مكان آخر.
اقرأ أيضًا: ترامب: سكان جرينلاند يريدون أن يكونوا جزءًا من الولايات المتحدة
القادة الفلسطينيون يرفضون التهجير
أدان المسؤولون الفلسطينيون بشدة أي تهجير قسري، مؤكدين أن غزة هي وطنهم. رفض زعيم حماس باسم نعيم اقتراح ترامب، مؤكدًا أن الفلسطينيين تحملوا الحرب والدمار دون التخلي عن أرضهم ولن يقبلوا النقل تحت أي ستار.
تعكس المشاعر العامة بين الفلسطينيين في غزة تحديًا مماثلاً. “نحن من يقرر مصيرنا وما نريده. هذه الأرض لنا وتنتمي لأسلافنا”، هكذا قال أبو يحيى راشد، وهو فلسطيني نازح من خان يونس.
ردود الفعل الدولية والسياق التاريخي
سبق أن قدرت الأمم المتحدة أن 60% من البنية التحتية في غزة تضررت أو دمرت، محذرة من أن إعادة الإعمار قد تستغرق عقودا من الزمن. وفي حين اقترح ترامب نقل سكان غزة إلى مساكن بديلة في الدول العربية، لم يكن هناك تأكيد رسمي لمثل هذه الخطط في تصريحات الحكومة الأميركية.
تاريخيا، كان تهجير الفلسطينيين قضية حساسة للغاية. يقيم أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني حاليا في الأردن، من نسل أولئك الذين نزحوا خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948. من ناحية أخرى، كانت مصر مقاومة للاعتراف بالفلسطينيين الفارين من غزة كلاجئين، مما عزز معارضتها الشديدة للهجرة القسرية إلى سيناء. وقد صرح الرئيس السيسي مرارا وتكرارا أن الحل الوحيد القابل للتطبيق هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
دعم اليمين الإسرائيلي المتطرف للخطة
بينما يعارض القادة المصريون والفلسطينيون التهجير، أعرب البعض في أقصى اليمين الإسرائيلي عن دعمهم لتصريحات ترامب. أشاد وزير الأمن القومي الإسرائيلي السابق إيتامار بن جفير بالاقتراح، داعياً إلى “الهجرة الطوعية” للفلسطينيين من غزة وحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تعزيز مثل هذه السياسات.
ومع ذلك، عارض نتنياهو نفسه تاريخياً إنشاء دولة فلسطينية، مما زاد من تعقيد الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة المستمرة. وفي الوقت نفسه، لا يزال الآلاف من الفلسطينيين النازحين يواجهون ظروفًا مزرية وهم ينتظرون إمكانية العودة إلى ما تبقى من منازلهم في غزة.
إمدادات الأسلحة الأمريكية وتحول السياسة
جاءت تعليقات ترامب وسط تدقيق متجدد بشأن المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل. وفي حديثه على متن طائرة الرئاسة، أعلن مسؤوليته عن رفع الحظر الذي فرضته إدارة بايدن على تسليم قنابل تزن 2000 رطل إلى إسرائيل، مؤكداً أن الأسلحة قد تم دفع ثمنها بالفعل وكانت متأخرة منذ فترة طويلة.
تظل الولايات المتحدة أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، حيث تقدم مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية سنويًا. ومع استمرار الحرب في غزة، تكثفت الدعوات إلى إعادة تقييم واشنطن لدورها في الصراع، وخاصة فيما يتعلق بالتأثير المدمر للأسلحة الأمريكية في المنطقة.