في خطوة استراتيجية نحو تحقيق الأمن الغذائي وتنويع الاقتصاد، حققت المملكة العربية السعودية قفزة نوعية في قطاع إنتاج لحوم الدواجن، حيث تسعى لتصبح واحدة من أبرز المنتجين في العالم.
وتعتمد السعودية على خطط طموحة لزيادة إنتاجها المحلي من الدواجن، مما يعزز مكانتها كأحد أسرع المنتجين نموًا عالميًا.
دور منطقة “الشقراء” في تحقيق الأمن الغذائي
وتعد منطقة “الشقراء” مركزًا محوريًا ضمن رؤية السعودية لتطوير قطاع الدواجن، حيث تسهم في تعزيز الإنتاج المحلي بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات.
وتدير شركة “تنمية الغذائية” مصنع معالجة في المنطقة يتعامل يوميًا مع نحو 150 ألف طائر لتزويد سلاسل مطاعم عالمية مثل ماكدونالدز وبوبايز وصب واي.
اقرأ أيضًا: كيف علقت السعودية على طلب ترامب تريليون دولار استثمارات من الرياض؟
تطوير القطاعات ضمن رؤية 2030
وتأتي هذه الجهود ضمن إطار رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط من خلال تطوير قطاعات متنوعة تشمل السياحة والصناعات التقنية والزراعية.
وقد خصصت السعودية أكثر من تريليون دولار لتحقيق أهداف الرؤية، منها 17 مليار ريال (4.5 مليار دولار) لدعم قطاع الدواجن وحده.
كما تهدف السعودية إلى تعزيز مزارع الفواكه والخضروات والأسماك وتطوير احتياطيات غذائية استراتيجية لمواجهة الأزمات.
شراكات دولية واستثمارات خارجية في قطاع الدواجن
ولم تقتصر جهود المملكة على الداخل، بل امتدت إلى الاستثمار في منتجي الدواجن العالميين، مثل شركة BRF البرازيلية وشركة MHP الأوكرانية.
كما تدير المملكة أراضٍ زراعية في ولايات أميركية مثل أريزونا وكاليفورنيا، وتسعى للاستحواذ على وحدات زراعية عالمية لتعزيز قدراتها الإنتاجية.
ارتفاع الإنتاج وتحسين الكفاءة في قطاع الدواجن
كما شهد قطاع الدواجن السعودي تطورًا كبيرًا خلال العقد الماضي، حيث تضاعف الإنتاج بفضل استراتيجيات توطين الصناعة.
وبلغ إنتاج لحوم الدواجن في المملكة 558 ألف طن في النصف الأول من عام 2024، بزيادة 9% مقارنة بالعام السابق، وفقًا لوزارة البيئة والمياه والزراعة.
وتدير شركة “تنمية” خمسة مصانع في أنحاء المملكة، تعالج يوميًا حوالي 550 ألف طائر، ما يمثل زيادة كبيرة مقارنة بعام 2013.
التحديات والمستقبل
ورغم هذه الإنجازات، تواجه السعودية تحديات كبيرة لتحقيق هدف الاكتفاء الذاتي الكامل بحلول عام 2030، نظرًا لازدياد الاستهلاك المحلي وارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب استيراد الأعلاف واللقاحات والمعدات.
ومع ذلك، تستمر الجهود لتوسيع القدرات المحلية وتحسين كفاءة الإنتاج.
وقال ذو الفقار حمداني، الرئيس التنفيذي لشركة “تنمية”، إن الشركة تسعى لتطوير علامة تجارية عالمية للأغذية الحلال بالتعاون مع شركات دولية مثل “تايسون فودز”.
وأضاف أن المملكة تمكنت من تقليل معدل نفوق الدواجن إلى أقل من 4%، وهو ما يعد إنجازًا كبيرًا في بيئة صحراوية مليئة بالتحديات.
اقرأ أيضًا: زيادة 10% في السجلات التجارية لقطاع الإقامة والطعام في السعودية
تأثيرات عالمية لزيادة الإنتاج السعودي من الدواجن
وزيادة الإنتاج المحلي من الدواجن في السعودية قد تؤثر على حجم الصادرات من دول مثل البرازيل وأوكرانيا، ومع ذلك سيستمر استيراد المملكة للحبوب والأعلاف لدعم قطاع الدواجن المتنامي.
وأكد روبرت كلاكستون، مدير اللحوم والثروة الحيوانية في شركة “جيرا” الاستشارية، أن سرعة الاستثمار في البنية التحتية للقطاع قد لا تكون كافية لمواكبة النمو المتزايد في الاستهلاك.
رؤية طويلة الأمد لتحقيق الأمن الغذائي
ورغم التحديات، تظل رؤية السعودية واضحة وطموحة، حيث تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي.
كما تستمر الاستثمارات المحلية والدولية في دعم هذا القطاع الحيوي، مما يضع السعودية في مصاف الدول الرائدة في إنتاج اللحوم الداجنة عالميًا.