رسوم ترامب الجمركية على كندا والمكسيك والصين.. هل تشعل حربًا تجارية عالمية؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

القاهرة (خاص عن مصر)- أعلن الرئيس دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة على الواردات من كندا والمكسيك والصين، مما يمثل تصعيدًا كبيرًا في التوترات التجارية التي قد يكون لها عواقب بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي.

وفقا لتقرير بلومبرج، من المتوقع أن تدخل الرسوم الجمركية، التي تم تحديدها بنسبة 25٪ لكندا والمكسيك و10٪ للصين، حيز التنفيذ هذا الأسبوع، مما يثير المخاوف من حرب تجارية محتملة وعدم استقرار اقتصادي في جميع أنحاء أمريكا الشمالية وخارجها.

ما هي الرسوم الجمركية ولماذا يفرضها ترامب؟

بحسب الجارديان، التعريفة الجمركية هي ضريبة على الواردات، تدفعها الشركات التي تجلب السلع الأجنبية إلى الولايات المتحدة. ينبع قرار ترامب بفرض هذه الرسوم الجمركية من عدة مخاوف معلنة: تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة، وتدفق المخدرات مثل الفنتانيل، وما يصفه بـ “الإعانات الضخمة” المقدمة لكندا والمكسيك.

في بيان صادر عن المكتب البيضاوي، أكد ترامب اعتقاده بأن التعريفات الجمركية ستحفز الشركات الأمريكية على إعادة التصنيع إلى الوطن. وقال: “كل ما عليك فعله هو بناء مصنعك في الولايات المتحدة، ولن يكون لديك تعريفات جمركية”. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن فك تشابك سلاسل التوريد العالمية المعقدة أسهل قولاً من الفعل وقد يستغرق سنوات، وقد يستمر لفترة أطول من رئاسة ترامب.

خطر حرب تجارية عالمية

أثار الإعلان مخاوف من حرب تجارية متبادلة، حيث من المرجح أن ترد كندا والمكسيك والصين بتعريفات جمركية خاصة بها على السلع الأمريكية. قلل برايان لانزا، المستشار الأول لحملة ترامب لعام 2024، من أهمية المخاطر، واصفًا التعريفات الجمركية بأنها “تهديد بالتفاوض”. ومع ذلك، فإن المحللين أقل تفاؤلاً.

خلال رئاسة ترامب الأولى، أدت التعريفات الجمركية على الواردات الصينية إلى تدابير انتقامية من بكين، بما في ذلك فرض رسوم على المنتجات الزراعية الأمريكية مثل فول الصويا والذرة. لقد أضر هذا بالمزارعين الأميركيين، مما أجبر الإدارة على إنقاذهم بمليارات الدولارات في شكل إعانات. ويقدر مجلس العلاقات الخارجية أن 92٪ من العائدات من هذه التعريفات تم إنفاقها على تعويض المزارعين.

هذه المرة، أصبحت المخاطر أعلى. تعد كندا والمكسيك من بين أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، حيث يتم تداول أكثر من 1.5 تريليون دولار من السلع سنويًا. قد يؤدي فرض تعريفة بنسبة 25٪ على هذه الواردات إلى تعطيل سلاسل التوريد المتكاملة بإحكام، وخاصة في قطاعي السيارات والطاقة، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين الأميركيين.

اقرأ أيضًا: انخفاض قياسي.. ترامب يحصل على أدنى نسبة تأييد له كرئيس جديد

التداعيات الاقتصادية: من الرابح ومن الخاسر؟

الولايات المتحدة

في حين أن بعض الصناعات الأميركية، مثل مزارعي الطماطم المحليين، قد تستفيد من انخفاض المنافسة، فمن المتوقع أن يكون التأثير الإجمالي سلبيا. من المرجح أن تؤدي التعريفات الجمركية الأعلى إلى زيادة التكاليف بالنسبة للمستهلكين والشركات، مما قد يؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي. يقدر معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن فرض تعريفة بنسبة 25٪ على الواردات الكندية والمكسيكية قد يقلل من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بمقدار 200 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة.

كندا

إن كندا، التي ترسل 80% من صادراتها إلى الولايات المتحدة، معرضة للخطر بشكل خاص. ويتوقع خبراء الاقتصاد خسارة تتراوح بين 2% و2.6% في الناتج الاقتصادي سنويا، مع تعرض أكثر من مليون وظيفة للخطر. وقد تخسر صناعة السيارات، التي تتمركز في أونتاريو، نصف مليون وظيفة وحدها. وقد أشارت كندا بالفعل إلى نيتها في الرد، حيث اقترحت وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند فرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على سيارات تسلا وغيرها من السلع الأميركية.

المكسيك

قد يواجه اقتصاد المكسيك، الذي يعتمد بشكل كبير على الصادرات إلى الولايات المتحدة، عملية إزالة صناعية شديدة. ويحذر ماركوس نولاند من معهد بيترسون من أن التعريفات الجمركية قد تقلل من النمو الاقتصادي في المكسيك بنقطتين مئويتين، مما يؤدي إلى إغلاق المصانع على نطاق واسع وفقدان الوظائف. كما أن القطاع الزراعي، الذي يزود جزءا كبيرا من واردات الفاكهة والخضروات الأميركية، معرض للخطر أيضا.

التداعيات السياسية والدبلوماسية

لقد أدت الرسوم الجمركية إلى توتر العلاقات الدبلوماسية مع كندا والمكسيك، وكلاهما اتخذ خطوات لمعالجة مخاوف ترامب بشأن أمن الحدود والاتجار بالمخدرات. وأكدت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم على الحوار الجاري لكنها حذرت من أن المكسيك لديها “خطة أ، خطة ب، خطة ج” للرد على الإجراءات الأمريكية.

في كندا، يواجه رئيس الوزراء جاستن ترودو ضغوطا متزايدة لحماية الصناعات والعمال الكنديين. وتعهد مارك كارني، المرشح الرائد لخلافة ترودو، بالوقوف في وجه ترامب، قائلا: “لن نتراجع. نحن متحدون، وسنرد”.

السياق العالمي الأوسع

إن رسوم ترامب الجمركية هي جزء من استراتيجية أوسع لإعادة تشكيل ديناميكيات التجارة العالمية. كما هدد الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية على السلع الأوروبية، متهما الاتحاد الأوروبي بمعاملة الولايات المتحدة “بشكل فظيع”. وقد أثار هذا مخاوف بشأن صراع تجاري أوسع نطاقا من شأنه أن يزعزع استقرار الاقتصاد العالمي.

ولم تبت منظمة التجارة العالمية بعد في شرعية الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، ولكن من المرجح أن تواجه هذه الخطوة تحديات قانونية. وفي الوقت نفسه، تستعد الشركات والمستهلكون لتكاليف أعلى وعدم اليقين الاقتصادي.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً